|
كتاب تفسير الأحلام للإمام محمد بن سيرين للإمام محمد بن سيرين الأنصارى ، من أئمة التابعين كنيته أبو بكر بن أبى عمرة البصرى، وكان أبوه مكاتبا لأنس بن مالك، ولد لسنتين بقيتا من خلافة سيدنا عثمان ، ومات لتسع مضين من شوال لسنة عشر ومائة وهو ابن سبع وسبعين بعد الحسن البصرى بمائة ليلة. إن كتاب تفسير الأحلام مقسم إلى تسع وخمسون باباً يحتوى على رؤيا الأنبياء والمرسلين ورؤيا سيدنا محمد ورؤيا الملائكة ورؤية الصحابة والتابعين ، وتأويل رؤية العبادات مثل الطهارة والآذان والإقامة والصلاة والزكاة والصوم والصدقة والحج والعمرة، وتأويل رؤيا الجهاد والموت والمقابر والبكاء، ورؤيا القيامة والحساب والميزان، وتأويل رؤية الجن والشياطين، وتأويل الأمراض والأوجاع والأطعمة، وفى تأويل الخيل والدواب والطيور والأسماك، وفى تأويل السماء والهواء والليل والرياح والأمطار وتأويل الذهب والفضة والوان الحلى والجواهر ويختم الكتاب بفصل فى ذكر حكايات مسنده فى رؤيا بعض الصالحين لبعض . قال (الرؤيا ثلاثة: فرؤيا بشرى من الله تعالى، ورؤيا من الشيطان، ورؤيا يحدث بها الإنسان نفسه فيراها). وقال أيضاً (ذهبت النبوة وبقيت المبشرات) وقد قال بعض المفسرين فى قوله عزو وجل ﴿لهم البشرى فى الحياة الدنيا﴾ قال: هى الرؤيا الصالحة. يقول سيدى محمد بن سيرين: أعلم وفقك الله أن مما يحتاج إليه المبتدى أن يعلم أن جميع ما يرى فى المنام على قسمين: فقسم من الله تعالى، وإن الصالح من ذلك هو الصادق الذى جاء بالبشارة والنذارة وهو الذى قدّره النبى جزءاً من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وإن الكافرين وفساق المؤمنين قد يرون الرؤيا الصادقة، وأن المكروه من المنامات هو الذى يضاف إلى الشيطان الذى أمر النبى بكتمانه والتفل عن يساره ووعد فاعل ذلك إنها لا تضره. ويحتاج عبور الرؤى إلى المعرفة بحالات الناس وشمائلهم وأقدراهم وهيئاتهم، ومراعاة ما تتبدل مرائيه، وتتغير فيه عبارته عند الشتاء إذا أرتحل، ومع الصيف إذا دخل، عارفاً بالأزمنة وأمطارها زنفعها ومضارها، وبأوقات ركوب البحار، وأوقات أرتجاجها وعادة البلدان وأهلها وخواصها، وما يناسب ل بلدة منها وما يجئ من ناحيتها، عارفاً بتفصيل المنامات الخاصية من العامية فيما يراه الإنسان من المرئيات التى يجتمع العالم والخلق فى نفعها كالسماء والشمس والقمر والكواكب والمطر والريح والجوامع والرحاب، فما رآه فى منامه فى هذه الأشياء خالياً فيه مستبداً به أو رآه فى بيته فهو له فى خاصيته. وأعلم إنه لم يتغير من أصول الرؤيا القديمة بشئ، ولكن تغيرت حالات الناس فى هممهم وآدابهم وإيثارهم أمر دنياهم عن أمر آخرتهم، فقد كان أصحاب رسول الله يرون التمر فيتأولونه حلاوة دينهم ويرون العسل فيتأولونه قراءة القرآن والعلم والبر وحلاوة ذلك فى قلوبهم، وقد يرى الكافر الرؤيا الصادقة حجة لله عليه، ألا ترى فرعون يوسف رأى سبع بقرات كما أخبر الله تعالى فى كتابه فصدقت رؤياه، ورأى بختنصر زوال ملكه وعظيم ما يبتلى به، فصدقت رؤياه على ما عبرها له دانيال الحكيم، ورأى كسرى زوال ملكه فصدقت رؤياه. وكان ابن سيرين إذا وردت عليه رؤيا مكث فيها ملياً من النهار يسأل صاحبها عن حاله ونفسه وصناعته وعن قومه ومعيشته وعن المعروف عنده من جميع ما يسأله عنه والمجهول منه ولا يدع شيئاً يستدل به ويستشهد به على المسأله إلا طلب علمه. |
||