كتاب "فصوص الحكم" للإمام محيى الدين محمد بن على بن محمد بن أحمد بن عربى الحاتمى الطائى، 560-638هـ، وهو من قبيلة طى وولد فى الأندلس وعاش فيها مع والده فى جو تقوى وتصوف وحديث وفقه، وسمع على الأئمة المعاصرين فى الأندلس، ويحكى أنه مرض مرضا شديدا وفى أثناء الحمى رأى نفسه فى المنام محاطا بقوى الشر ثم جاء فارس ففرقهم ولم يبق منهم أثر فسأله: من أنت؟ فقال أنا سورة يس، فاستيقظ فوجد والده يتلو سورة يس عند رأسه، ثم بدأ مسيرته الروحية، وانغمس فى أنوار الكشف والإلهام واطلع على أسرار الصوفية وهو فى العشرين، ثم أُمر بالرحلة إلى مكة حيث فُتح عليه فيها وكتب أهم كتبه "الفتوحات المكية"، ويتنقل بعد ذلك فى البلاد بين مصر والعراق والشام وتركيا ويقابل السهروردى، ويستمر فى مسيرته الروحية فى التعليم والتأليف، وقد ذكر من شيوخه سبعين ولم يكمل، وذكر من كتبه 230 كتابا حجمها ما بين الكراسة والمائة مجلد.

وكتاب فصوص الحكم من أعظم كتب الإمام محى الدين بن عربى وأعظمها قدرا وأعمقها غورا وأبعدها أثرا فى تشكيل العقيدة الصوفية فى عصره وفى الاجيال التى تلته، فوضع مصطلحا كاملا أستمده من القرآن والحديث وصبغ كل هذه المصطلحات بصيغته الخاصة فأعطى معنى جديدا يتفق مع روح المذهب العام فى وحدة الوجود، فخلف ثروة لفظية فى فلسفة التصوف لعدة قرون، والعجيب أن تحفته "الفتوحات المكيه" وهى أعظم موسوعة فى التصوف غنية بهذه المصطلحات، ولكن كتاب الفصوص حوى أمهاتها وأضفى عليها من الصفة العلمية والنضج الفكرى ما لا تجده فى كتاب آخر.

والمحقق له خلفية فلسفية أثرت على رأيه، والذى جاء ليظهر إعجابه بالإمام ونقده فى نفس الوقت لأسلوبه بأنه ليس ممنهج فلسفيا أو محلل علميا، وبالطبع فإن ما يعنينا هو الكتاب والمتن نفسه، وهو لم يتعرض له بتحريف.

 
   
 

fesous_hekam.rar