|
كتاب التدبيرات الإلهية فى إصلاح المملكة الإنسانية تأليف الشيخ الأكبر محيى الدين أبى بكر محمد بن على أبين عربى الطائى المتوفى سنة 638 هـ، وهو محمد بن على بن محمد بن أحمد بن عبدالله الحاتمى من ولد عبدالله بن حاتم أخى عدى بن حاتم من قبيلة طىّ مهد النبوغ والتفوق العقلى فى جاهليتها وإسلامها. يكنى أبا بكر ويلقب بمحيى الدين، ويعرف بالحاتمى وبابن عربى لدى أهل المشرق. ولد فى الأثنين السابع عشر من رمضان عام خمسمائه وستين هجرية الموافق 28 يولية سنة الف ومائة وخمس وستين ميلادية فى مدينة مرسية بالأندلس وكان أبوه على بن محمد من أئمة الفقه والحديث ومن أعلام الزهد والتقوى والتصوف وكان جده أحد قضاة الأندلس وعلمائها فنشأ نشأة تقية ورعة وقد توفى رضى الله عنه سنة 638 هـ. وإنطلاقاً من قول النبى (من عرف نفسه عرف ربه) قام الناشر بإصدار كتاب التدبيرات الإلهية فى إصلاح المملكة الإنسانية للشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى خدمة للركن الثالث من أركان الدين الإسلامى الكامل الذى هو مقام الإحسان، مقام (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك). وللمساعدة فى الاطلاع على الحكم والقواعد الصوفية التى يستلهم منها كيفية التحقق بأحكام مقام الإسلام وأنوار مقام الإيمان وأسرار مقام الإحسان وصولاً إلى قوله تعالى ﴿وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين﴾. إن كتاب التدبيرات الإلهية هذا يعتبر من الكتب المهمة للشيخ الأكبر ويأتى فى الأهمية بعد كتاب "فصوص الحكم" وكتاب "الفتوحات المكية" ومما قال عنه "فإنى بنيت هذا الكتاب الصغير الحجم اللطيف الجرم، العظيم الفائدة الكبير العلم المستخرج من العلم اللدنى والقاب العدنانى المسمى فى الإمام المبين الذى لا يدخله ريب ولا تخمين". وقد تكلم فيه الشيخ الأكبر عن الحقائق الحقية والحقائق الخلقية التى ينطوى عليها وجود الإنسان وفى ذلك يقول "يعرب عن حقيقة الإنسان وعلو منصبه على سائر الحيوان وأنه مختصر العالم المحيط مركب من كثيف وبسيط لم يبق فى الإمكان شئ إلا أودع فيه فى أول منشئه ومبانيه حتى بزز على غاية الكمال وظهر فى برزخ بين الجلال والجمال" والكتاب يحتوى على المقدمة و تمهيد وواحد وعشرين باباً من دقائق التوحيد فى تدبير الملك الذى لا يبيد على التدبير الحكمى والنظام الإلهى يقرأه الخاص والعام قد علم كل أناس مشربهم: ففيه للخواص إشارة لائحة وللعوام طريقة واضحة وهو لباب التصوف وسبيل التعرف بحضرة الترؤف والتعطف يلهج به الواصل والسالك ويأخذ حظه منه الملوك والمالك. ويذكر سيدى محيى الدين فى مقدمة الكتاب: فإن تعرض لك أيها الأخ المسترشد من ينفرك عن الطريق فيقول لك طالبهم بالدليل والبرهان يعنى أهل هذه الطريقة فيما يتكلمون به من الأسرار الإلهية فأعرض عنه وقل له مجاوباً فى مقابلة ذلك: ما الدليل على حلاوة العسل؟ فلابد أن يقول لك علم لا يحصل إلا بالذوق فلا يدخل تحت حد ولا يقوم عليه دليل. ثم أضرب له مثالاً وقل له: لو كان لك دار بنيتها بيدك وما أطلع عليها أحد غيرك ففشا ذكرها وأتصل بأسماع اللناس خبرها ثم أصطفيت أحداً من خواصك فأدخلته إياها حتى عاينها وأحاط بما أطلعته منها عليه وهو بمرأى الناس عند إدخالك إياه ثم خرج إليهم وقعد يصف لهم ما رأى فيها. هل يصح أن يقال له ما الدليل فى ذلك المقام. لو طالبه أحد بذلك حمقه الناس وسخفوه وقالوا هذا شئ لا يقوم عليه دليل. فإذا أردت أن تقف على ما أدعاه هذا الداخل فارغب إلى صاحبها يدخلك إياها فتشاهد ما شاهد وليس غير ذلك. ويذكر المحقق الشيخ الدكتور عاصم إبراهيم الكيالى الحسينى الشاذلى الدرقاوى إنه إتماماً للفائدة وحرصاً على حسن إعتقاد القارئ بمؤلفه الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى ذكر عقيدة الشيخ الأكبر كاملة كما ذكرها فى مقدمة كتابه الفتوحات المكية ومشتمل على مقدمة عن عقيدة الإمام الأكبر محيى الدين بن عربى وترجمة ابن عربى وتشمل نسبه ومولده ونشأته ومؤلفاته وشيوخه. |
||