كتاب إيقاظ الهمم فى شرح الحكم للإمام ابن عجيبة العارف بالله أحمد بن محمد بن عجيبة الحسنى وهو من الواصلين الذين عاشوا حياة الصوفية وأدركوا مراميها عن كثب وأفادوا من علمها الغزير وفيوضاتها الربانية ولذلك فقد جعل شرحه للحكم بغزارة علمه وتبيانه وسمو روحه نبراسا لذوى الألباب فكان درة من الدرر أهداها للمحبين الراغبين فى المعرفة. ويقول ابن عجيبة: علم التصوف من أجل العلوم قدراً وأعظمها محلاً وفخراً وأسناها شمساً وبدراً وكيف لا وهو لب الشريعة ومنهاج الطريقة ومنه تشرق أنوار الحقيقة وكان أعظم ما صنف فيه "الحكم العطائية" التى هى مواهب لدنية وأسرار ربانية وقد وضعت عليها شرحاً متوسطاً يبين المعنى ويحقق المبنى معتمداً فى ذلك على حول الله وقوته وما يفتح الله به من خزائن علمه وحكمته أو ما كان مناسباً لتلك الحكمة من كلام القوم، وقدمت بين يدى الكتاب مقدمتين: إحداهما فى حد التصوف وموضوعه وواضعه وأسمه وإستمداده وحكم الشارع فيه وتصور مسائله وفضيلته ونسبته وثمرته والمقدمة الثانية فى ترجمة الشيخ ابن عطاء الله وذكر محاسنه.

والكتاب شرح للكتاب المشهور "الحكم العطائية" للقطب الكبير العارف بالله القدوة المحقق تاج العارفين ولسان المتكلمين تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبدالكريم بن عطاء الله السكندرى وأرضاه ونفعنا به والذى نشأ فى الإسكندرية وبها تلقى ثقافته الأولى وكان مالكى المذهب ولد سنة (658 هـ) وتوفى فى جمادى الآخرة سنة ( 709 هـ) فقد جمع علوم الظاهر وعلم الحقيقة وبرز فيها جميعاً ولما أستكمل علوم الظاهر كان ينكر على المتصوفين طريقتهم وعلومهم حتى تعرف على القطب الربانى أبى العباس المرسى فأهتدى بهديهم وآمن بطريقتهم وأعترف بعلومهم حتى صار التلميذ المفضل لأبى العباس المرسى الذى قال له: والله ليكونن لك شأن عظيم.

قال ابن عطاء الله: فكان من فضل الله سبحانه مالا أنكره، وهكذا تحققت نبوءة الشيخ وأصبح لأبن عطاء الله الصدارة فى العلمين الظاهر والباطن، وآلت إليه رئاسة الطريقة بعد موت شيخه أبى العباس وأصبح له فى الأزهر درس خاص يملى فيه الفقه والتفسير والتصوف وآدابه. وكان كذلك أديب حلو الحديث مشرق العبارة ولهذا كان لدروسه أثر كبير فى النفوس، ويبدو ذلك واضحاً فى كتابه المشهور "الحكم العطائية" الذى يشرحه ابن عجيبة، وقد توفى ابن عطاء الله فى القاهرة فى جمادى الآخرة سنة 709 هـ - 1309 م ودفن فى القرافة الصغرى وقبره معروف حتى اليوم تحت جبل المقطم وله مؤلفات عديدة منها: التنوير فى إسقاط التدبير -  مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح - تاج العروس الحاوى لتهذيب النفوس - الحكم العطائية.

ومن بعض الحكم العطائية "كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة فى مرآته؟ أم كيف يرحل إلى الله وهو قليل بشهواته؟ أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله وهو لم يطهر من جنبات غفلاته؟ أم كيف يرجو أن يفهم الأسرار وهو لم يتب من هفواته؟"

ويقوم كتاب الحكم على دعائم أربع: علم التذكير والوعظ - تصفية الأعمال وتصحيح الأحوال - تحقيق الأحوال والمقامات - المعارف والعلوم الإلهية ثم ختمه بطائفة من المناجاة للكريم الوهاب

والحكم العطائية التى نقدمها اليوم للقراء قام بشرحها شرحاً وافياً العارف بالله : أحمد بن محمد بن عجيبة الحسنى الذى أضفى عليه من سمو روحه بغزارة علمه ومعرفته بطرائق القوم وإشاراتهم وسماه " إيقاظ الهمم فى شرح الحكم "

وقام المحقق بمراجعة النسخة ومقابلتها على أكثر من نسخة وتصليح ما بها من أخطاء وتحقيق الآيات القرآنية، ومراجعة الأحاديث على أصولها، ولم يتعرض للكتاب بتغيير.

 
   
 

eiqaz.alhemam.rar